
وكالة يراع نيوز / …
وسط ظروف مشحونة بالتوتر، قدّم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، اليوم الثلاثاء، إحاطة أمام مجلس الأمن في نيويورك، خلال اجتماعه الدوري، تطرق فيها إلى الوضع العراقي، معلنا قرب انتهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “يونامي” التي يترأسها، فيما تطرق لعدد من القضايا المهمة.
وقال الدبلوماسي العُماني محمد الحسان، في الإحاطة التي تابعتها “ يراع نيوز”، إن العراق “على الطريق الصحيح نحو انتخابات برلمانية وطنية أخرى، المقرر إجراؤها في 11تشرين الثاني نوفمبر المقبل”.
ورأى أنّ “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، بدعم فني من بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، تحرز تقدّما ملحوظا في التحضير لهذه الانتخابات”، مشيرا إلى أنه “من المقرر أن يُختتم تسجيل الناخبين في الأيام المقبلة، وقد أكمل ما يقارب ثلاثة أرباع إجمالي الناخبين التسجيل البيومتري حتى الآن”.
وتوقف المسؤول الأممي عند “التحديات، وبعض المخاوف اللوجستية، بما في ذلك مشاركة جميع العراقيين في الانتخابات دون خوف أو ترهيب”، إلا أنه أشار إلى أن “المفوضية ملتزمة ببذل قصارى جهدها من أجل انتخابات حرة ونزيهة وشفافة”.
وتطرق كذلك إلى الانتخابات البرلمانية التي عقدت في إقليم كردستان العراق في تشرين الأول أكتوبر 2024، ووصفها بـ”الناجحة”، ورغم ذلك أوضح الحسان أنّ “تشكيل حكومة إقليمية لا يزال معلّقا”، مضيفا “أودّ التأكيد أن العلاقة بين بغداد وأربيل هي شراكة تتطلب حوارا وتعاونا مستمرين، مبنية على دستور العراق، لمعالجة وحل أي قضايا عالقة بين الجانبين بفعالية”.
وأردف الحسان، قوله، إنه “بقي أقل من ستة أشهر على انتهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، أود أن أؤكد لأعضاء المجلس أنّ البعثة تواصل سعيها نحو انتقال منظم وفقا للجدول الزمني وبالتعاون الوثيق مع فريق الحكومة العراقية الانتقالي”.
وتحدّث عن “إغلاق مكاتب البعثة في الموصل وكركوك، وكذا العمل على تقليص أعداد موظفي الأمم المتحدة تدريجيا سعيا لتحقيق التوازن بين تخفيض عدد أفراد البعثة واستمرار المهام الموكلة إليها”.
وتوقف المسؤول الأممي كذلك عند الملف العراقي الكويتي، والقضايا التي ما زالت عالقة، بما فيها قضية المفقودين الكويتيين ورعايا الدول الأخرى، قائلا “أرحّب بزيادة البعثات الميدانية واستخدام التقنيات المتقدمة لتحديد مواقع الدفن المحتملة، ومع ذلك، ثمة حاجة إلى مضاعفة هذه الجهود، وتعزيز التعاون والتنسيق، بما في ذلك في البحث عن شهود عيان، للعثور على رفات 315 شخصا ما زالوا مفقودين، وتقديم إجابات طال انتظارها لعائلاتهم”.
وشدد الحسان على “ضرورة تسريع البحث عن الممتلكات الكويتية المفقودة وإعادتها، بما في ذلك الأرشيف الوطني، لا سيما بعد القرار المُرحَّب به مؤخرا بإعادة تفعيل اللجنة المشتركة العراقية الكويتية المعنية بالممتلكات الكويتية المفقودة”.
كما رحّب بـ”استئناف اجتماعات اللجان الفنية والقانونية المشتركة العراقية الكويتية المعنية بترسيم الحدود البحرية”.
على الصعيد الإنساني، أشار الحسان إلى “عودة أكثر من 800 عراقي قبل عشرة أيام من مخيم الهول شمال شرقي سورية إلى مركز الأمل في العراق”، معتبرا ذلك “يُجسّد التزام الحكومة بتسريع عملية عودة مواطنيها بدعم من الأمم المتحدة”.
وتابع “مع ذلك، من الضروري استثمار الموارد الكافية لدعم إعادة إدماج العائلات العائدة بكرامة، وضمان إجراءات قضائية عادلة للمحتجزين الذين تتم إعادتهم إلى أوطانهم”.
وأكد أنه “وبينما يواصل العراق إحراز تقدم كبير في معالجة عودة النازحين من شمال شرق سورية، لا يزال وضع النازحين داخليا في العراق يتطلب اهتماما عاجلا”.
وحول أوضاع الأيزديين في العراق، قال الحسان، إنّ “مئات الآلاف من الأفراد، معظمهم من الإيزديين من سنجار، يعيشون بمستوطنات عشوائية في إقليم كردستان، بينما لا يزال أكثر من 180 ألف شخص يعيشون في مخيمات في ظروف محفوفة بالمخاطر. نعم، كان اعتراف الحكومة الأخير بحقوق الأيزديين في الأراضي، مع توزيع أكثر من 1300 خطاب ملكية وحوالى 100 صك ملكية هذا العام، إنجازا هاما”.
واستطرد “كما كانت الحكومة العراقية سباقة في تقديم تعويضات للأيزديين الناجين والأقليات الأخرى”.
وشدد المسؤول الأممي على “تهيئة ظروف مستدامة للعودة تتطلب تدابير سياسية وإدارية وأمنية أكثر تماسكا، بالإضافة إلى استثمار كبير في خلق فرص العمل والخدمات المحلية”، داعيا حكومة العراق إلى “الإسراع في اعتماد خطة وطنية شاملة للحلول الدائمة”.
وأضاف “لا تقتصر عملية العودة على مجرد إعادة توطين، بل يجب أن تكون عملية هادفة تعيد بناء الحياة وسبل العيش والأمل في المستقبل”.
وتابع الحسان “أقولها بصوت عال، إنّ الأيزديين في العراق تضرروا كثيرا وبشكل يفوق الوصف، ونحن في الأمم المتحدة، نطالب المعنيين في العراق (وفي الدول المجاورة) باتخاذ كل الإجراءات لحماية هذه الطائفة وإعادة الاعتبار والاحترام والتقدير والمكانة الإنسانية لها وخصوصا أنه لا يزال حتى يومنا هذا، عدد من أبناء وبنات هذه الطائفة في حالة احتجاز قسري بعد أن عصفت داعش بحياتهم”.
وأشار كذلك إلى تقارير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والأخير الصادر عنه في كانون الثاني يناير الماضي، في إطار المراجعة الدورية الشاملة التي يجريها لكل الدول. وأكد أن الحكومة العراقية تنظر حاليا في 263 توصية لاعتمادها في الدورة القادمة لمجلس حقوق الإنسان”.
وتحدث عن إحراز تقدم في “مشروع قانون حقوق الأقليات، وفي اعتماد استراتيجية وطنية لمكافحة خطاب الكراهية”، مؤكدا أنه “من بين الملفات الواجب معالجتها في هذا السياق ودون تأخير هي قضايا المغيبين والقابعين في السجون بناء على تقارير من قبل ما يسمى بالمخبر السري”.
وتعد بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) هي بعثة سياسية خاصة تأسست في عام 2003 بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1500، بناء على طلبِ العراق، حيث قد بدأت البعثة بمهامها منذ ذلك الحين، وتوسّعَ دورُها بشكلٍ كبير في عام 2007 بموجب القرار 1770، الذي جاء في وقت كانت فيه معدلات العنف بالبلاد متصاعدة.
وطلبت الحكومة العراقية، في آيار مايو 2024، من الأمم المتحدة أن تنهي بحلول نهاية عام 2025 مهمتها السياسية التي تؤديها في البلاد منذ أكثر من 20 عاما، معتبرة أنها “لم تعد ضرورية نظرا لإحرازها تقدما كبيرا نحو الاستقرار”، بحسب رسالة موجهة إلى مجلس الأمن الدولي.
وبعث رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، برسالة مفصلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تضمّنت اعتراضات على فريق تابع للأمم المتحدة وذكّر السوداني، في رسالته، بطلب سابق للعراق لتقليص ولاية البعثة الدولية في العراق، لكن مجلس الأمن قرر تشكيل فريق الاستعراض الاستراتيجي المستقل؛ لبيان الحاجة إلى استمرار عمل البعثة.
يشار إلى أن القوى السنية والكردية غير متحمسة لإنهاء عمل البعثة في العراق، لأنها ترى ان ذلك يؤثر سلبا على الاستقرار الأمني في المناطق التي تسيطر عليها هذه القوى..
ومع بداية أعمالها في العراق، تعرضت البعثة في مقرها بفندق القناة ببغداد في آب 2003، لتفجير إرهابي أدى إلى تدميره وذهب ضحيته 23 موظفا، من ضمنهم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، سيرجيو دي ميللو، فيما جرح أكثر من 100 آخرين. وأمنت الأمم المتحدة منذ عام 2003، تمويل المساعدات الإنسانية والانمائية للعراق بمليارات الدولارات في أوج الأزمات الانسانية عن طريق المنظمات الدولية التابعة لها.